كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل...
ان وهبتهم عمرك.. ووهبتهم سعادتك.. ووهبتهم طاقاتك.. ووهبتهم وقتك..
ووهبتهم قلبك.. وكامل عقلك.. وبعضك وكلك.. وافتديتهم غاليك..
ومنحتهم كل الاشياء الجميلة في حياتك.. ورحلو مخلفينك فريسة لذكرياتهم..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل...
أن مددت يديك اليهم.. وانتشلتهم من بحور أحزانهم... وأنتقيت الشوك من على دروبهم..
وأحتسيت المرار من أجلهم.. وأرتضيت فوق همك بلائهم.. واستيقضت ليلا ..لكي تدعو لك ولهم..
وتتوسل الله أن يحفظهم.. وتتضرع الى الله أن يجمع بينك وبينهم... وتسئل الله بتعطش أن يبقيهم..
وفتحت عينك لتجد نفسك في نصف الطريق بدونهم.. فيختفون من حياتك.. مخلفين في ظهرك خنجرهم..
تاركينك لليل موحش ..وذئب مسعور وأعصار يعصف بك حنين اليهم..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
أن أكتشفت بأن الزمان لم يعد زمانك.. وأن قلوبهم ماعادت تسعك.. وأنك بعدما أفنيت عمرك..
وأنتظرتهم وفقدت صبرك.. ورجيت حضورهم بدمعك..
تخلو عنك.. وكالأطلال خلفوك.. وقد انتهو منك ..
واثبتو بأنك انتهيت.. وانتهت صلاحيتك..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
أن لم تتمكن من نسيانهم.. مادمت غير قادر على نسيانهم .لكن حاول ..
وحاول مرارا وتكرارا.. وأكذب على نفسك كل يوم.. وقل أنك قادر على النسيان..
وانك ما عدت تشعر باليتم بدونهم.. وانك ما عدت تشتاق لهم..
وانك ما عدت تتقصى اخبارهم..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل...
ان فارقوك.. وألم بك الالم والسقم.. فأن الم الفراق لا يدووم.. وقد لا يدوم الا قليلا...
أو كثيــراً..... وحاول أن توهم نفسك بأنك ولدت من جديد.. وأستقبل الحياة بثوب جديد
ولون جديد وابتسامة جديدة.. وأخفي داخلك ذلك الممزق المتألم بكل انينه على فراقهم
فأنه سيخفق بهم ودونهم..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل...
أن غابت شمسهم.. ورحلت معها احلامك واحلامهم.. وأنتظر شروق يوم جديد
بشمس جديدة واحلام جديدة .. وأن طال بك ليلك .. ثق ثقة عمياء
بأن لابد للشمس من ظهور..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
أن وقفت امام مرآتك.. ولم تستطع تذكر ملامح وجهك
ولمحة في عينيك ذلك الكم من جيوش الاحزان
والتمست بقايا دموعك على وجنتيك
وأطفئت الأنوار في غرفتك
وجلست في الركن البعيد كالطائر الصغير
وتذكرت ملامحهم وتفاصيلهم معك
وضممت رأسك بين يديك
وبكيت بكاء الاطفال
وأوصيت الظلام ان يستتر لحظات ضعفك بدونهم..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل...
لأنك خسرتهم.. ولأنهم رحلو... ولأن الدنيا أظلمت في عينا قلبك من بعدهم...
وضاق بك الوجود بدونهم.. فأنت تعلم بأنهم ابداً
لن يعودو اليك يوما..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل...
أن وجدت نفسك في بلاد غريبه.. حامل بين ذراعيك صندوقك الملئ بأحزانك..
وكأنك تريد الفرار من ذاكرتك الى البعيد.. حيث الوجوه الجديده
والاعين التي تجهلها ولا تعرفك والطرقات التي لم تشهد تفاصيل احزانك..
فتخذلك ذاكرتك وترسم يداك وجوههم فوق الجدران
وفوق الرمال وفوق الجبال
فتبكيهم وتخاطب صورهم بسذاجة الاطفال..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل
أن وجدت نفسك في صفحات دفاترهم.. وقلبت الصفحات فيها..
ورأيت حلم رسمته معهم.. وقصر بنيته في حقولهم..
وشممت بين الصفحات عطرهم.. وبقايا الورد الذي اهديتهم..
والتمست على الصفحات دموعهم.. وقرئت بين السطور وعودهم..
وانتهت بك الصفحات الى قرار عنك يبعدهم..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
أن سمعت في الطريق تراتيلهم ولا تتألم.. عندما تمشي الطريق الذي كان يؤدي اليهم ولا تعبس..
أن انتقيت الوانهم وعطرهم وتحدثت بحديثهم... واكتشفت بأنهم يسكنون أعماقك اكثر منك..
وبكيت على قلبك وعلى مشاعرك
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
ان غادروك وانت في امس الحاجة اليهم.. وعلمت بعد حين
بأنهم اختارو سواك.. وتجاهلوك.. وتجاهلو الآمك..
وأحزانك.. ودموعك.. واشتعالك.. وانطفائك..
ومعاناتك.. وضياعك.. ورحيلك.. وغيابك..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
ان جردتك الدنيا منهم.. واصبحت في حياتهم عابر سبيل.. واصبحت تسكن قشور الذاكرة..
وهم يسكنونك كالدم.. ويعيشون..ويعيشون.. وأنت ما زلت تحتضر..وتحتضر..
شيع جثمان احلامك.. وامسح دموع قلبك.. وامسح بكفك على جبينك..
وقبل رأسك في المرآة.. وقدم الزهور لنفسك.. وردد بتضرع شديد بينك وبينك:
|" ربي أني مسـني الضر وأنت ارحم الرحمين"|
آآآآخر الهمسات..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل...
أن فتحت جريدة صباحية .. وقرئت اسمي بين السطور..
في الزاوية المرعبة من قائمة الوفيات.. فهو الحقيقة الوحيدة..
والقدر الوحيد الذي لاينكره عاقل.. ويقينا منا بأنه آت ذات يوم لامحاله..
فقد اصبح هذا الموت في كل مكان.. واصبح كالشبح يطاردنا حتى يدركنا..
فحكاياته المرعبة ما عادت تخيفني.. وما عدت اجزع منه..
فهو راحتي بعد تلك المسافة الطويلة في هذه الحياة..
بعد كل ذلك الكم من التعب.. والشقاء.. والعناء.. والبكاء..
فلا تحزن.. ولا تبتئس.. ولا تذرف دموعك هناك.. عند شاطئ البحر ..
ولا تخبر البحر بنبأ رحيلي.. فهو اشدكم حزنا علي.. واهو اكثركم معرفة بي..
فلا تُبكيه..ولا تَبكي علي.. فقط امنحيني قصيدة شعرية واهدني اياها
على ضفاف شواطئ احزاني واكتب على رمال الطريق واعترف ولو لمرة
انني احببتك حتى الممات.. وما زلت اشتاق للقاك
ومع موت الهمسات...
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
ولا تستسلم لنبأ رحيلي.. ولا تجعله يهز تلك الاعماق الرائعه فيك..
ويخيل الي بان رحيلي سيكون قاس عليك.. فقد يذهلك.. وقد يزعجك..
وقد يرعبك.. وقد يؤلمك.. وقد يزلزلك.. وقد ينسفك.. وقد يكسرك.. وقد يبعثرك..
كفكف دموعك الدنيا ماتستاهل ...
بعد رحيلي.. قف على قبري وقف هناك وحدثني.. وحاورني كما عودتني.
واخبرني باخبارك واخبارهم.. وكيف جرت بك الدنيا من بعدي وبعدهم..
وكيف اصبحت الدنيا بعد غيابي.. وكيف اصبح لون الايام بعد رحيلي..
وكيف حال الاشعار من بعدي.. وكيف باتت خواطري... ولا تبكي.. حين تتذكر تفاصيلي..
ولا تنهار بدموعك حين تتذكر بانني ماعدت هناك.. ما عاد هناك من ينتظرك بشغف..
وينتظرك بخوف.. وينتظرك بحنين.. وينتظرك بشوق.. وينتظرك بألم.. وينتظرك..
وينتظرك.. وينتظرك.. وانت في حرقة من زحمة اقدارك
تفكر في ذلك القلب الذي احرقه انتظارك.. ما عاد هناك من يبكي اللحظات بدونك..
وما عاد هناك من يشكي مرور الوقت في غيابك.. وما عاد هناك من يحصي الثواني للقايك..
لا تبكي ..
فأنت من فتح لي ابواب قلبه في لحظة صدق..
ووهبني الحب بلا تردد.. ومنحني الآمان بلا حدود..
وغمرني باحلامه.. وغمرني بعطائه.. ورممني..
ورمم مشاعري المسفوكة.. ورمم أحلامي المكسورة..
واعاد صياغتي من بقاياي الحزينة..
لا تبكي.. لا تبكي..
لأنك فاجئتني يوما بالرحيل..
وتلاشيت في الهواء كبخار الماء.. وودعتني في صمت هادئ كالغرباء..
وقبل ان تنتهي الهمسات.. شكـرا لاانك وهبتني ولو للحظات..
قلبك.. وصبرك.. وحلمك.. وحرفك.. وصوتك.. وعطفك.. وحنانك..
يقولون بأن المسافه بين الميلاد والموت تقاس بعدد الايام التي احببت فيها
فاحسب مسافاتي بايامي الرائعه التي عشتها معك..
كفف دموعك الدنيا ما تستاهل